سورة المعارج - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المعارج)


        


{وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا} قرأ البزي عن ابن كثير {لا يسأل} بضم الياء أي: لا يُسأل حميم عن حميم، أي لا يقال له: أين حميمك؟ وقرأ الآخرون بفتح الياء، أي: لا يسأل قريب قريبًا لشغله بشأن نفسه. {يُبَصَّرُونَهُمْ} يرونهم، وليس في القيامة مخلوق إلا وهو نصب عين صاحبه من الجن والإنس، فيبصر الرجل أباه وأخاه وقرابته فلا يسأله، ويبصر حميمه فلا يكلمه لاشتغاله بنفسه.
قال ابن عباس: يتعارفون ساعة من النهار ثم لا يتعارفون بعده.
وقيل: {يبصرونهم} يُعَرَّفونهم، أي: يُعَرَّفُ الحميم حميمه حتى يعرفهُ ومع ذلك لا يسأله عن شأنه لشغله بنفسه.
وقال السدي: يعرفونهم أما المؤمن فببياض وجهه وأما الكافر فبسواد وجهه {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ} يتمنى المشرك {لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ} {وَصَاحِبَتِهِ} زوجته {وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ} عشيرته التي فصل منهم. وقال مجاهد: قبيلته. وقال غيره: أقرباؤه الأقربون {الَّتِي تُؤْوِيهِ} أي التي تضمه ويأوي إليها. {وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ} ذلك الفداء من عذاب ربك. {كَلا} لا ينجيه من عذاب الله شيء ثم ابتدأ فقال: {إِنَّهَا لَظَى} وهي اسم من أسماء جهنم. وقيل: هي الدركة الثانية سميت بذلك لأنها تتلظى أي: تتلهب. {نزاعَةً لِلشَّوَى} قرأ حفص عن عاصم {نزاعة} نصب على الحال والقطع، وقرأ الآخرون بالرفع أي هي نزاعة للشوى، وهي الأطراف اليدان والرجلان وسائر الأطراف. قال مجاهد: لجلود الرأس. وروى إبراهيم بن مهاجر عنه: تنزع اللحم دون العظام.
قال مقاتل: تنزع النار الأطراف فلا تترك لحمًا ولا جلدًا.
وقال الضحاك: تنزع الجلد واللحم عن العظم.
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: العصب والعقب.
وقال الكلبي: لأمِّ الرأس تأكل الدماغ كله ثم يعود كما كان، ثم تعود لأكله فذلك دأبها.
وقال قتادة: لمكارم خلقه وأطرافه. قال أبو العالية: لمحاسن وجهه.
وقال ابن جرير الشوى جوارح الإنسان ما لم يكن مقتلا يقال: رمى فأشوى إذا أصاب الأطراف ولم يصب المقتل.


{تَدْعُوا} أي: النار إلى نفسها {مَنْ أَدْبَرَ} على الإيمان {وَتَوَلَّى} عن الحق فتقول إليَّ يا مشرك إليَّ يا منافق إليَّ إليَّ. قال ابن عباس: تدعو الكافرين والمنافقين بأسمائهم بلسان فصيح ثم تلتقطهم كما يلتقط الطير الحب. حُكي عن الخليل: أنه قال: تدعو أي تعذب. وقال: قال أعرابي لآخر: دعاك الله أي عذبك الله. {وَجَمَعَ} أي: جمع المال {فَأَوْعَى} أمسكه في الوعاء ولم يُؤدِ حق الله منه. {إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} روى السدي عن أبي صالح عن ابن عباس قال الهلوع الحريص على ما لا يحل له. وقال سعيد بن جبير: شحيحًا. وقال عكرمة: ضجورًا. وقال الضحاك والحسن: بخيلا. وقال قتادة: جزوعًا. وقال مقاتل: ضيق القلب. والهلع: شدة الحرص وقلة الصبر. وقال عطية عن ابن عباس: تفسيره ما بعده وهو قوله: {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} أي: إذا أصابه الفقر لم يصبر، وإذا أصاب المال لم ينفق. قال ابن كيسان: خلق الله الإنسان يحب ما يسره ويهرب مما يكره، ثم تعبده بإنفاق ما يحب والصبر على ما يكره. ثم استثنى فقال:


{إِلا الْمُصَلِّينَ} استثنى الجمع من الوحدان لأن الإنسان في معنى الجمع كقوله: {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا}. {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ} يقيمونها في أوقاتها يعني الفرائض.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة، حدثنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي، أخبرنا عبد الله بن محمود، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الخلال، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن ابن لهيعة، حدثني يزيد بن أبي حبيب: أن أبا الخير أخبره قال: سألنا عقبة بن عامر عن قول الله تعالى: {الذين هم على صلاتهم دائمون} أهم الذين يصلون أبدًا؟ قال: لا ولكنه إذا صلى لم يلتفت عن يمينه ولا عن شماله ولا من خلفه. {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} قرأ حفص عن عاصم ويعقوب: {بشهاداتهم} على الجمع، وقرأ الآخرون بشهاداتهم على التوحيد {قَائِمُونَ} أي يقومون فيها بالحق أو لا يكتمونها ولا يغيرونها.

1 | 2 | 3